خواطر بلال-المحرر
نعيشُ اليومَ ، في ثورةٍ علميّةٍ جديدة ، عنوانها الإلكترونيات من هواتف ذكية و شرائح و حواسيب و منصات تواصل ، و فضاءات متباينة الألوان ، عالمية النشأة ، رأسماليةُ الطابع و الداعم.
و في ظل أننا بتنا بعيدين سنوات ضوئية عن آليات و تقنيات جيل 2020 الذي نعيش فيه "رُغماً عنا" ، فإننا مطالبين بتفهم مادة هذا الجيل ، كي نُحسن تربية الأبناء ، و بناء جذور الخير و العطاء و القيم الإيجابية و الخيرة ، كي يتمكنوا من مواجهة مُغريات الحياة الملآى بالتقلبات و الملذات و مكامن الشرر و الزلل.
فلا يحسن بنا أن نقول اليوم ، أننا لا نريد الهاتف الذكي ، أو التابلت ، أو التيك توك ، و الفيسبوك ، و النيتفلكس ، و ثقافة الماكدونالز "الوجبات السريعة و المعلبة و الجاهزة" ، في حياتنا ، و هي لا شك واقعنا اليوم ، فكل شيء اليوم بات كالوجبة السريعة ، فقراءتنا "وجبة سريعة" ، و مقاييسنا باتت مع كُل أسى ، وجبة سريعة و مادية ، و تعاملنا مع كل شيء في الحياة بات وجبة سريعة.
فحتى بدايات هذا العقد كانت الدراسات تنصح بتأخير إعطاء الناشئة هاتف محمول ، و اليوم نتساءل كمحللين إجتماعيين عن جدوى تلك الفكرة مثلاً ، و نحن نرى اليوم ظاهرة الإدمان على الإلكترونيات و مصاحباتها لا تخيم فقط على الأطفال و الشّباب ، بل أنها تمتد على الكهولة الكبار.
و اليوم باتت الضرورة مُلحة لمزيدٍ من التقنين ، و كما قُلنا في مادةٍ سابقة ، فأن أهم أدوات التربية و التي تناسب كل زمان و مكان - كما أدعي - هي القدوة ، فإننا لن ننجح كمُتخصصين بالعلوم الإجتماعية و الأُسرية جُزءاً منها ، في تغيير أنماط سلوك الأطفال مع الإلكترونيات ، ما لم نؤثر على الأبوين بالدرجة الأولى و القدوات الإجتماعية بالدرجة الثانية.
فعلى الأسرة التي تريد تربية أبنائها في عصر الإلكترونيات ، ألا تحرم أبنائها الإلكترونيات و لكن يجب أن تسعى لتقنين و برمجة الإستخدام و ترشد إستهلاكها لهذه الإلكترونيات ، وبناء ثقافة و قيم و مبادئ حياتية تتناسب مع الواقع الجديد.
و ينصح الأباء أن يخصصوا أوقاتا للإلكترونيات و أخرى لبقية جوانب الحياة الأسرية و الإجتماعية ،كي يتعلم الطفل أن إستخدام الإلكترونيات ليس مطلق و ليست مكافئة حتى يكف عن البكاء.
أن البكاء أداة الطفل للضغط ،و إن رضخ الأبوين لهذه الأداة ، فأنهم يفقدوا القدرة على تربية الطفل و يصبح الطفل هو من يقود الأباء نحو رغباته لا كما يفترض العكس.
و على الآباء تفعيل أدوات الرقابة الوالدية على إلكترونيات الأطفال ، و مناقشتهم بما يشاهدوه و تعليمهم الصح من الخطأ، و زرع مبادئ و قيم توجيهية لهم في الحياة الإلكترونية و هي حياتهم المستقبلة لا شك في ذالك و لا مرآة.
و تبقى عملية زرع القيم بالقدوة ،هي الأداة الفاعلة في مواجهة تحديات الحياة ،مهما إختلفت طبيعتها و ثقافتها و سرعت تغيرها.