خواطر بلال-المحرر
قال الله ، تبارك و تعالى ؛ (( إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ)) ، و قال ؛ (( وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)).
شرع الرسول ، مُحمد (ص) ، ببناء أول مسجدٍ في الإسلام عندما وصل المدينةَ المنورة ، حيثُ كان المسجدُ مكاناً لتجمع المُسّلمين مُنذُّ فجرَ الإسلام.
و لعب المسجدُ وقتذاك دورًا في الحُكم و مُتعلقاته ، حيثُ كانت تُجرى العقود و المواثيق الدولية فيه بالعهد النبوي.
و شّكل المسجدُ مساحةً جامعة للمُسلمين ، خاصةً و أن الإسلام أعلى من وحدةِ الجماعة في تفضيل صلاة الجماعة و خص صلاةُ الجُمعة بالجماعةِ، و جعل فريضة الجُمعة مقرونةً بالجماعة لأن ذالك يُعلي من قيم الجماعة و الوحدة بين أطياف المُجتمع ، فكان من أدوار المسجد في المُجتمع أنه عزز وحدة الصف ، و أعلى من الوحدة الاجتماعية في حياة الدولة الإسلامية.
و أخضع الإسلام كدين شاملٍ جامع ، قيم التعاون و التكافل ، و التطوع و الإتفاق ، و العدل و المساواة ، و طوعها لتنسجم مع عباداته الخمس ، و جمعها في بوتقة المسجد ، فالصائم الذي يتعلم الصبر و الشعور مع الفقراء و الجوعى ، طُلب منه العكوف بالمسجد ما إستطاع إليه سبيلاً ، مما يدفعه للعلم بحال الناس ، و يزيد من قدرته على إستيعاب مشاكل إخوانه في المجتمع الواحد ، و يعزز من شعوره بالرغبة في مد يد العون و المساعدة بعيداً عن الأغلال الطبقية و الفوارق الثقافية ، فالكُلُ في المساجد باحثٌ عن رضى الله المقرون بالعمل الصالح و الخيِّر.
و قد قال الله ، تبارك و تعالى ؛ (( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَ اليَومِ الآخِرِ وَ أَقَامَ الصَّلاَةَ وَ آتى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إلَّا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المُهتدين)) ، فجمع الصلاة بالزكاة و الخشية من الله ، بما يعزز دور المسجد في إشاعة التكافل و التعاون و الصفاء الذهني و الروحي ، و الإنسجام الاجتماعي ، و التآخي في الأوساط الإسلامية أفراداً و جماعات.
و يلعب المسجد دوراً في توحيد قوى الأمة ، في مواجهة التَحديَّات التي تواجهها في كُل زمنٍ من الأزمان ، إذ ان المسجد وضع لتجمُع الناس ، و تواصلهم فيما بينهم ، و إن كان هذا التواصل محكوماً بالصلاة و العبادة و العلم ، فإن العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي ، يرى أن المسجد مكاناً للعبادة و العلم فقط ، فلا تصح فيها إتمام الصفقات التجارية ، لأن المسجد وضع لمداومة الإتصال بين الخلق و ربهم ، و لأن الصفقات التجارية يدخل فيها الشهوة الإنسانية و الصراع ، فإنها مكروهة في المساجد ، و هذا جُزءٌ من رسالة الإسلام الرامية إلى توحيد الصفوف فالرب واحد و العباداتُ واحدة ، و الأرزاق من مصدرٍ واحد فلما لا تتم الوحدة!
و بالإضافةِ إلى الصلاة ، كانت فريضة الحج مُنتدىً عالمياً سنوياً ، يجري بصورةٍ توحيدية ، تجمع العالمَ الإسلامي على قلبِ رجُلٍ واحد في مسجد بيت الله الحرام ، مهوى الأفئدة و قُبلةُ الأمة إلى أن تشرق الشمس من مغربها.
فكان المسجدُ بذالك ذا أدوارٍ مُهمة في صياغة المُجتمع الإنساني ، وفق إطارٍ واحد عنوانه الوحدة و التآخي و التكافل و الصفاء و النقاء و الطهارة ، و كل هذا يُربي العبدُ الناشئ تربيةً قويمةً ، تُحترم فيها الجماعة و قيَّمها المُنسجمة مع أحكام الله عز و جل.
و عليه فإن للمسجد أدواراً إجتماعية عظيمة أبرزها تحقيق الوحدة و التربية الصحيحة، و إشاعة الأمن و التعاون و التكافل ، و الطهارة و الصفاء في المُجتمع المسلم ، يما يزيل اسباب الأغلال و الأحقاد و توابعها من الجرائم و الإنحلال القيَّميّ.