خواطر بلال-المحرر
تُعدُّ مرحلةِ الخطوبة مرحلةً مفصلية في حياةِ الأسرة الناشئة ، إذ هي ترسم ملامح العلاقات الأولية بين الزوجين ، و تحدد علاقات محيط الزوجين ، و تمنح للقارئ المُتمعن القدرة على استشراف مستقبل العلاقة الزوجيّة.
و ينصح في هذه المرحلة ، بتوطيد الصور و الأفكار الحقيقية فيما بين المخطوبين ، و الإبتعاد عن مظاهر الخداع و التدليس و المبالغة في إخفاء طبيعة الشخصية ، فالأمر ليس علاقة ضيافة كما يهيأ للبعض ، و إنما هي مرحلة لمنح طرفي العلاقة صورة عن شريك الحياة القادم ،فكلما كانت الصورة صادقة ، تكون أساسات الأسرة الوليدة متينة و صلدة أمام التحديات المُنتظرة.
و الخطوبة في منظار الشرع ، الوعد بالزواج ، يتبعه الرؤية بين المخطوبين و وفق آلية حددتها الشريعة الإسلامية ، كي لا يقع الطرفين بمحظور الخلوة المُحرمة ، ثم يتبعها إتمام أركان الزواج من إيجاب و قبول و إشهار و توثيق للعقود.
و للرؤية أحكام و محددات ، و كذا نصائح ، يعرضها المختصين بالدراسات الأُسرية ، كون الرؤية هذه التي تحدد ملامح العلاقة الزوجية ، و ينصح فيها الإبتعاد عن التعامل باللباقة المبالغ فيها و النزول فيها إلى مستوى الحوار حول المكروهات و المحبوبات من قبل المخطوبين ، فمثلا يتحدثوا عن موقفهم من التدخين ، أو توزيع الأدوار في البيت ، و مصادر دخل البيت الجديد ، و الواقع المادي و التعليمي و الأفكار و الإتجاهات الحياتيّة لكُلٍ منهما ، و الموقف من عمل الزوجة مثلاً و الإتفاق على تلك المحددات ، حتى لا تنعكس فيما بعد كمنغصات على الزوجين ، خاصة وأن الرؤية هدفها الشرعي التعارف الجاد بين المُقبلين على الزواج ، و يتعهد كلا الطرفين بإحترام حُرمة إفشاء الأسرار في مرحلة الرؤية الشرعية و التي تتضمن حضور ولي المخطوبة أو أن تكون من وراء حجاب.
و عندما تكون الرؤية من وراء حجاب في زماننا ، على طرفي العلاقة عدم إنتهاك حُرمات الله بالتصوير أثناء الحديث عبر أدوات الإتصال عن بعد فتكفي المكالمة الهاتفية بدلاً من محادثات الفيديو .. و الله أعلم ، مع حُسن النوايا و أن تكون اللقاءات الهاتفية معلومةً من قبل الأهل خاصةً أهل الفتاة كي لا يقعا في المحذور مع ضمان سرية محتوى تلك اللقاءات و عدم إفشائها من قبل المخطوبين أو من يتطلب علمه فيها بحكم حضوره كولي الفتاة المخطوبة.
و تعد مرحلة الخطوبة ، و التركيز فيها على الحوار حول شكل الحياة الزوجية المقبلة ، من أهم عوامل إستقرار الأسرة ، و تقليل فرصة الإنفصال بين الزوجين ، خاصةً و أن الأمور تكون واضحة للزوجين من قبل مرحلة الدخول في مؤسسة الزوجية ، و هذا جزءٌ من حُسن الإختيار.
و روي عن الرسول (ص) ، إن جاءه رجلٌ تزوج إمرأة فسأله الرسول هل رأيتها فأجاب بالنفي ، فقال له إذهب فأنظر إليها ثم قال (إذا خطب أحدكم المرأة فإن إستطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه على نكاحها فليفعل).