خواطر بلال-المحرر
تنعمُ الأُسرة العربية ، بمقوماتِ إستقرارٍ مُتعددةً ، تبعاً لعوامل و مُتغيراتٍ شّتى أبرزها سيطرة الأب على الأسرة.
و يتحكم الأب في أجواء و خيارات الأسرة العربية ، مما يجعل الأسرة ذات مرجعية مركزية ، تأتمر بإمرة الرجل ، و الذي إن كان يحظى بقسطٍ وافرٍ من التعليم فإنه يساهم في بناء الأسرة بناءاً متيناً.
و يمتاز النظام الأبوي بمجموعة قيّم ، تتعدد الأراء حوّلها ، و منها المرجعية الواحدة لصناعة القرار الأسري ، و الرقابة الصارمة على منظومة القيم و الأخلاق التي تحكم الأبناء ، و توزيع الدخل على أفراد العائلة بشيء من العدالة و التوازن ، و غلبة العقل على العاطفة في إدارة دفة البيت.
و رغم تغير الظروف المحيطة في حياتنا المعاصرة ، فإن النظام الأبوي لا زال مُحافظاً على بعض صوره و إن إهتز عن النمط التقليدي القديم ، فلا زالت الأسرة العربية تأتمر بأمر الرجل و إن باتت مشاركة المرأة أكثر فعالية في لعب دور ثانوي في صناعة القرار الأسري.
و المتابع لشؤون الأسر العربية ، و خاصة بعد الألفية الثالثة فإنه يجد توسع الفجوة بين الأزواج نتيجة تحول قيم الأسرة من قيم الأبوة إلى قيم الديمقراطية و حقوق المرأة فباتت الأسرة مفككة نتيجة حالة التنمر الممارس من قبل المرأة على حق الرجل في إدارة المنزل بشكلٍ حصيف ، و غياب لغة التفاهم بين الزوجين في ظل توجه المرأة للتفرد برأيها في ظل عقلية غير متزنة تنسجم مع طبيعة المرأة العاطفية و غير الشمولية و ضيقة الأفق.
و لعب التحول نحو ثقافة الفردية و الأنانية ، دوراً محورياً في تحطيم بنيان الأسر العربية لخروج الأسر عن النظام الأبوي و الذي كان ضامناً حتى وقت قريب لإستقرار الأسر.
و رغم الدور السلبي الذي قامت فيه الحراكات النسوية بذريعة حماية حقوق المرأة ، فإن الرجل ذاته هنا يتحمل قسطاً من المشكلة ، فهو لم يفقد الدور الريادي ، بل و إرتد عن قيم الرجولة و الأب ، فلم يعد الرجل حازماً ، و لم يعد ضابطاً لشؤون بيته ، فقد ترك طائعاً أدواره الرئيسة للمرأة فباتت المرأة هي التي تتحكم بالأمور اليومية للبيت و الرجل بات لا يتدخل في شؤون البيت إلا نادراً ، علاوة على إفتقاره إلى المؤهلات التي تؤهله ليكون أباً و رباً للبيت كما كان سابقاً.
و عمل تراجع دور الرجل في الأسرة ، على تفسخ الأبناء و تشتتهم و ضياع بوصلتهم و تيههم في الحياة اليومية.
و بات على الرجل هنا العمل على إعادة تموضعه في سلم السلطة في البيت ، و فرض سلطته كالسيد في البيت مما يدفع لإعادة ضبط مقاييس الأسرة على المسطرة القيمية واضحة الرؤية متنورة البصيرة.
و كي لا نفهم خطأ فإننا نرى أهمية سعي الشباب لتحصيل قيم الرجولة و الأبوة المكتسبة و التي كانت تقف وراء سلطة الرجل في البيت قبل أن يخسر الرجل تلك القيم تحت وطأة التحرر غير المدروس و التنور غير المُخطط له.