خواطر بلال-المحرر
يُمثل كتاب "من قاسيون إلى ربة عمون..رحلة
العمر" سيرةً ذاتية ومرجعاً تاريخيا للمؤرخين حول حياة السياسي والأديب
الدكتور عبدالرحمن الشقير، والذي تنقل في حياته من دمشق إلى عمان، وهو الدبلوماسي
والطبيب والنائب الذي أُنتخب من الجبهة الشعبية إبان الإحتلال البريطاني للمملكة.
ورحل والد عبدالرحمن وهو صغير لم يبلغ السنتين بعد، إثر
مرض التيفوس والذي عم شرق الأردن مطلع القرن العشرين، ودرس الشقير بمدارس حي
اليزورية في الشاغور بدمشق وهو إبن عم السياسي المعروف منير الشقير أيضاً.
ويروي الشقير خلال سيرته والتي أعادت نشرها وزارة
الثقافة الأردنية العام 2020 معايشته أحداث الإحتلال الفرنسي لسورية والثورة
السورية التي أودت بخروج المحتل من الأراضي السورية، ودراسته المرحلة الثانوية
بمدينة السلط البلقاوية الأردنية.
ثم التحق الشقير بالعاصمة السورية دمشق مجدداً حيث درس
الطب في الجامعة السورية "دمشق حالياً"، والتي تأسست العام 1920 بجهود
رجل الأعمال السوري رضا سعيد، حيث شارك الشقير بالنشاطات الجماهيرية الشعبية ومنها
إضراب العام 1936 على خلفية إنسلاخ لواء إسكندرون عن جسم سورية الأم.
وواجه الشقير في أربعينيات القرن الماضي تهماً بمناهظة
نظام الحكم الملكي في البلاد نتيجة علاقته بشخصيات محسوبة على شخصيات معارضة تخرجت
من الجامعة السورية آنذاك.
وتحدث الشقير عن مخرجات مؤتمر بلودان والذي عقد العام
1947 على وقع الأحداث الجارية بفلسطين آنذاك وضم قواد العالم العربي وملوكهم،
وتحدث عن تشكل جيش الإنقاذ الوطن في فلسطين لمواجهة إسرائيل العام 1948، وما أعقب
ذلك العام من مذابح كمذابح دير ياسين واللد والرملة وغيرها.
وتحدث الشقير عن التوتر الذي ساد علاقته كشخص على صلة
وثيقة بالبعثيين بقائد الجيش آنذاك كلوب باشا حيث فاز الشقير بالإنتخابات النيابية
العام 1954 الأمر الذي أغاض كلوب خاصة وأن أفراد الجيش كانوا ممن صوتوا لصالح قوى
المعارضة آنذاك، الأمر الذي حرمه من التمتع بفوزه بالإنتخابات.
وتحدث الشقير عن ردود الفعل على حلف بغداد في الخمسينيات
من القرن الماضي والتي أودت بعدم إنضمام المملكة إلى الحلف والذي وقفت خلفه
الولايات المتحدة الأمريكية.
وتناول الشقير محطات حياته في خضم العدوان الثلاثي على
مصر العام 1956 إبان حكم جمال عبدالناصر وتشكل حكومة سلمان النابلسي الوطنية، وعبر
الشقير عن مدى حزنه من مآل فكرة الوحدة بين سورية ومصر والتي ساهمت في فرض القبضة
الأمنية في سورية مما أفرز ثورة تموز في العراق والتي قادت إلى خلق توتر بين مصر
وسورية من جهة والعراق من جهة ثانية.
وتنقل الشقير بالمنافي بين العراق وروسيا والصين
وبلغاريا، ثم عاد إلى سورية بعد إنفصالها عن مصر وعايش القلاقل التي عصفت بسورية
على خلفية الإنفصال حيث قاد زياد الحريري إنقلاباً على الإنفصاليين العام 1963
تكلل بسيطرة البعثيين مجددا على دمشق إلا أن ذلك لم يحسن من العلاقة بين دمشق
وبغداد والقاهرة.
وروى الشقير الظروف المحيطة بحرب العام 1967 في المناخ
السياسي العربي والإجراءات الإسرائيلية الإستفزازية والتمهيدية آنذاك، وكذلك حرب
رمضان العام 1973 والتي عرفت أيضاً بحرب النفط والتي خلقت ظروفها مرابطة قوات
مغربية في سورية ضد التوسع الإسرائيلي.
وروى الشفير تفاصيل عودته إلى عمان نتيجة صدور العفو
العام عن اللاجئين السياسيين في سورية ، وإنهيار حكم شاه إيران وغزو لبنان العام
1982 وقمة الوفاق والاتفاق التي دعى لها الملك الحسين 1987 وهبة نيسان التي كانت
على خلفية تردي الأوضاع المعيشية العام 1989 وإنهيار الإتحاد السوفيتي وحربي
الخليج ومفاوضات السلام العربية مع إسرائيل.