خواطر بلال-المحرر
سارعت المملكة، منذ عدة سنوات في اتخاذ إجراءات تحسينية
طموحة طالت امتحان التوجيهي، والذي يُعد امتحاناً مفصلياً في حياة الأردنيين، وذات
قيّمة اجتماعية متعاظمة، في مجتمع، ترتفع فيه مستويات الطموح التعليمي لدى الشباب
على مختلف أجناسهم إن كانوا ذكوراً أم إناثاً.
واستضافت صحيفة "الغد" الأردنية، كانون أول
الماضي تزامناً مع الاختبار التكميلي للثانوية العامة "التوجيهي"، ندوة
نظمتها مبادرة مجالس الغد والتي ضمت وزراء تعليم سابقين ومختصين في هذا المضمار،
بغية الخروج بتصوراتٍ علمية حول آليات التحسين، مع توجه الدولة إلى تطوير الامتحان
بصورة تكفل مواكبته للتطور الذي شهدته المملكة مؤخراً.
وطالب المختصين، وضع التطوير الشمولي لمنظومة التعليم،
على سلم أولويات الدولة، وعدم اجتزاء التطوير وحصره بالتوجيهي، إذ أنهم يرون في
الاجتزاء تشويها وفشلاً في عملية التطوير هذه.
وفيما وصف المختصين التغييرات التي حدثت خلال العقود
الأربع الماضية على "التوجيهي" بالتجميلية، طالبوا في ذات الصدد بإلغاء
القبول الموحد، والانتقال نحو القبول المباشر من قبل الجامعات، ووفق آليات واضحة
ومحددة.
وحول لجنة التطوير التي شكلها الوزير الأسبق محمد أبو
قديس قالوا أنها لم تقدم شيئاً ذات قيمة،
بل قدمت توصيات أحيلت إلى مجلس التربية والتعليم صاحب الإختصاص بالتنفيذ.
وأكد المختصين أن الوزارة لديها خطة تتناول مفاصل النظام التعليمي مستلهمة من الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد
البشرية وخطة التحديث الاقتصادي.
وعبر الوزير الأسبق تيسير النعيمي، عن رأيه في العملية
التطويرية، معتبراً أن الوزارة كما كُل القطاعات، تعاني من أزمة تغير السياسات
وعدم ديمومتها، واتسامها بمزاجية القائمين على وضعها من الوزراء، وغياب شمولية
التطوير، مع كافة مكونات العملية التعليمية من بيئة مدرسية ومعلمين وقيادات
تعليمية وطلبة.
ولفت النعيمي إلى وجود خطة تطويرية شمولية لدى الوزارة،
والوزراء عندما يتحدثون عن تطوير "التوجيهي"، يتحدثون عنه كجزء من منظومة
تعليمية متكاملة تسعى الوزارة إلى تطويرها بشكل مستمر، مستدركاً أن المشكلة تكمن
في شكلية هذا التطوير، فنحن نراوح بين تنويع أنماط الامتحانات من موضوعية وإنشائية،
إلى سنوية وفصلية، الأمر الذي لا يعكس جوهر ما يؤمل تحقيقه من التطوير في قياس
الاتجاهات والقيم والمعارف.
وحول فكرة إلغاء التوجيهي، قال النعيمي، انه لا توجد
دولة تخلو من نظام تقييم مؤهل لدخول الجامعات في كافة الدول، والأردن ليس جاهزاً
لاعتماد الامتحانات المدرسية بعد كوننا نعلم أنها غير دقيقة، والدول التي تعتمد هذا
النظام، توجد لديها أنظمة قبول غير مركزية، وتعمل الجامعات فيها على وضع آليات
فبول لها.
وشدد النعيمي على ضرورة تطوير المناهج،بما يكفل تحسين
آليات التقييم المدرسي، للإنتقال به من قياس مستوى الحفظ، إلى قياس مستويات
المهارات العليا، وذلك لإتاحة الفرصة لتطوير "التوجيهي"، فمن غير
المعقول أن يقيس التوجيهي المهارات العليا في حين يعتاد الطالب التقييمات التي
تقيس مستوى الحفظ فقط.
وقال الوزير الأسبق محمد الوحش، أن ما يجري حالياً اصلاح
بالقطعة، الذي لن يثمر إصلاحاً للتعليم، معتبراً أن المزاجية هي التي تحكم هذه العملية،
معتبرا أن النظام الموازي مخالف للدستور، وخاصة مبدأ المساواة بين المواطنين، في
حين أن التجسير أفرغ الكليات المجتمعية من مضامينها حيث أنها أتت بهدف تخريج
مهنيين لا توفير بديل عن التوجيهي لدخول الجامعات واكتساب التعليم الأكاديمي.
ولا زالت نظرة المجتمع نحو التعليم المهني نظرة سلبية،
نتيجة ارتباطها بضعف التحصيل، وضعف توجه الدولة نحو تغيير الثقافة الاجتماعية حيال
هذا النوع من التعليم وفق الوحش.
فيما تحدث كل من الوزير الأسبق فايز السعودي ومدير إدارة
الامتحانات الأسبق علي حماد ومدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في الوزارة سابقا
محمد أبو غزلة، حول تكاملية عملية إصلاح المنظومة التعليمية برمتها وصولاً إلى
التوجيهي، وضرورة أن لا تكون العملية شكلية، وألا تكون مزاجية.
وحدد التربوي ذوقان العبيدات إشكالية التوجيهي في مقال
له نشرتها صحيفة "الغد"، بغياب العدالة وعدم قياس أهداف التعليم و أنه موتر
للمجتمع ويمثل عقبة أمام تطوير التعليم وإلغاء التلقين، ولا يحقق تنبئاً حقيقياً
بالنجاح في الحياة الجامعية.