أخر الاخبار

دبلوماسية القوة الناعمة..مفتاح لفهم العلاقات الصينية العربية

 


خواطر بلال-المحرر

ضمن جهودها في تعزيز مكانتها الدولية، وتعظيم سُبل تنميتها الوطنية، شرعت الصين مؤخراً في إستثمار قواها الناعمة في سبيل تعزيز مشاريعها الطموحة نحو التنمية، وتنفيذ مخططات طريق الحرير والحرير البحري، والمعروف إختصاراً "الحزام والطريق".

ويعاين الدكتور ليو شين لو، أستاذ الدراسات العربية في جامعة الدراسات الأجنبية بالعاصمة الصينية بكين، التحولات التي شهدتها العلاقات بيّن الصين كقوة واعدة في العالم، والعالم العربي السائر على طريق التنمية والخارج تواً-أو الذي لا يزال، تحت نير الإحتلالات الإمبريالية والإسرا-أمريكية، خلال العقود العشر الأخيرة.

وشرعت الصين، منذا نشأت الجمهورية الشعبية العام 1949، في بناء العلاقات مع الإتحاد السوفييتي، ومجابهة الإمبريالية الأمريكية، ثم التعاون مع الأخيرة لمقاوة التحريفية عند الأولى، وصولاً إلى السياسة الخارجية المُستقلة والسلمية إبان السبعينيات من القرن الفائت.

وخلال العام 2003، أعلن نائب رئيس معهد الحزب الشيوعي الصيني السيد تشن غبي جيان، في كلمته أمام المؤتمر السنوي لمنتدى بواولآسيا، تحت عنوان: نهضة الصين السلمية ومستقبل آسيا، إستخدامه وبلاده مصطلح النهضة السلمية، من منطلق يشير إلى إيمان الصين العميق أن عنوان العصر بات مقصوراً على ثنائية السلام والتنمية.

وباتت التنمية الصينية تقوم على منطلقات التنمية العلمية المستقلة والمنفتحة، والسلمية ذات الطابع التعاوني والتشاركي، إلا أن مخاطر أمنية مفتلعة نتيجة العداء الأمريكي-أوروبي والذي ترجمته تسويق الدول العُظمى نظريات التهديد الصيني الناشئ من النمو المُتسارع للبلاد، والتي تحاول حتى اليوم الدول الأوروبية مجابهته عبر خلق الصور النمطية المسيئة للصين وعلى رأسها قضية المسلمين الصينيين وتايوان.

وباتت الصين تواجه مخاطر أمنية في المناطق التي تتواجد فيها جاليتها ومصالحها الصناعية نتيجة المنظمات الإرهابية الناشطة في العديد من الدول ومنها ليبيا والسودان ومصر وباكستان وغيرها، إلى جانب قلق المجتمع الدولي من التنمية السريعة، تُعد مشاكل الطاقة وممرات التزود بالطاقة القادمة من الخليج العربي تحديداً تحدياً خطيراً يقض مضجع السلطات الصينية رغم محاولاتها المستميتة في خلق البدائل من الطاقة البديلة النظيفة وتنويع مصادر الطاقة من روسيا وخلافها، علاوةً على تأثيرها بالتقلبات الإقتصادية الدولية الناشئة عن إعتماد إقتصادها على التجارة الخارجية وصعوبة حماية مصالحها في الخارج مقارنة بقدرات الولايات المتحدة مثلاً.

وكشريكٍ سياسي، داعم ومدعوم بالمحافل الدولية، ونتيجة قدرتها على حماية المصالح الوطنية الصينية، وكمصادر للطاقة التقليدية، وكونه يوفر مسرح للصين لترجمة استراتيجيتها الإقتصادية الموجهة نحو الخارج، يكتسب العالم العربي أهمية خاصة بالنسبة للصين.

وتواجه الصين منافسين مثل الولايات المتحدة وروسيا واليابان وفرنسا، في ممارسة قواها الناعمة في المنطقة العربية، وتبرز التحديات أمام الصين في مزايا تتمثل بسرعة النمو الصيني،  حيث شهدت قوتها الوزطنية نمواً هائلاً ما بيّن 1978-2016، إلى جانب تفرد النموذج التنموي الصيني عن مثيلاته في العالم.

الأمر الذي دعي العديد من النُخب العربية والأردنية إلى المطالبة في قراءة الحالة التنموية الصينية، في كتاباتهم المختلفة بصحف الغد وعمان اليوم وتُعد مقال الأستاذ محمد هويدي من جامعة الإمارات العربية المعنونة:"العرب ونموذج التنمية الاقتصادية الصينية"، مثلاً على هذا الإهتمام، إلى جانب مقال الدكتور مسعود ضاهر من الجامعة اللبنانية ورئيس الرابطة اللبنانية الصينية للصداقة في مقاله المعنون:"المنظور الثقافي في نهضة الصين".

ونشرت العام 2009 مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم مؤلفاً تحت عنوان، العرب ومستقبل الصين، للكاتب الأردني سامر خير أحمد، والذي تناول فيه نمط الصين وسر نجاح تنميتها، مقارنة في الحالة العربية.

وتساهم الصين عبر المحافل الدولية في دعم صوت العرب بتلك المنظمات، خاصة وأن الصين تنظر لنفسها كدولة كبرى مسئولة وتواجه الولايات المتحدة في التأثير على الساحة الدولية، فكان أن دعمت الصين الموقف العربي في حر 72 وشنت معارضة على التدخل الأمريكي السافر في العراق، وحاولت المساهمة في إنهاء الأزمة الخليجية بالطرق الدبلوماسي، فيما شرعت الصين بالإندفاع نحو الإنضمام للمنظمات الدولية إنطلاقاً من ثمانينات القرن المنصرم، وبنشاطٍ كبير مدعومة بطموحاتها التنموية المتسارعة.

وتاريخيا، شكلت الصين قوةً داعمة للقضايا العربية، ومساعدتها اقتصاديا، إلى جانب تعزيز التعاون والثقة السياسية المتبادلة بيّن العرب والصين، وتعزيز الجهود التنمية العربية، من منطلق منافحتها الإمبريالية الأمريكية، ونظرتها لنفسها كدولة كُبرى مسئولة ذات رسالةٍ تنموية حضرية ناشئة ومتقدة.

وتناول المؤلف، أبرز التحديات التي كابدتها الصين، في سبيل تعزيزها قوتها الناعمة في المنقطة العربية، وخاصة بعد بناءها العلاقات الدبلوماسية معها، ففي الجانب الثقافي لا زالت الصين من ضعف حضورها في المشهد الثقافي، رغم جهود معهد الكونفوشيوس في عملية التبادل الثقافي وتعلم اللغة والحضارة الصينيتين لأبناء الوطن العربي، وجهود التلفزة والإذاعة الصينية والترجمة من وإلى الصينية، نتيجة صعوبة اللغة، وعدم جاذبية الثقافة الصينية مقارنة بالأمريكية والماكدونالز والكوكاكولا، إذ تميز هذا الجانب من العلاقة بالموسمية وتدني الإقبال عليه، وعدم الرواج.

وختم المؤلف بملحق إستعرض أبرز ملامح الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريقي الحرير والحرير البحري للقرن 21، الصادر العام 2015 عت اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح ووزارات الخارجية والتجارة بشكل مشترك فيما بينهم.

وتناول الملحق ملابسات ومبادئ وافكار واولويات واليات واوضاع تلك الملامح، وقد أعادت وزارة الثقافة طبع المؤلف ضمن مشروع مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع العام 2018.

 

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-