أخر الاخبار

تاريخ الأردن الاجتماعي

 



خواطر بلال-المحرر

صدر عن مركز الأردن الجديد للدراسات، مؤلفًا ضم أوراق بحثية في مجالات عديدة تُعنى بالتاريخ الاجتماعي الوطني، منها الإنثروبولوجيا والسكان والثقافة والإعلام والتغير الاجتماعي والعمارة.

ويشار إلى أن المركز نظم الأعوام 1998 و2000 و2002، مؤتمرات عدة إستضاف خلالها ذوات وطنية وعالمية للحديث عن الأردن، ذاك الوطن ولد من عدماء الصحراء، فأضحى قصةٌ تروى في الإبداع البشري والنماء الفكري والدينامية الوازنة.

وضمت الهيئة الاستشارية للبرنامج  الخاص بالمؤتمرات الثلاث: سليمان الموسى وعلي محافظة ومصطفى الحمارنة ورؤوف أبو جابر ويوجين روغان ولوري براند وصالح الحمارنة وإبراهيم عثمان ومايكل فيشباخ.

الأسرة..في نهاية القرن التاسع عشر

تناول الدكتور ريتشارد أنتون، أستاذ علم الأنثروبولوجيا في الولايات المتحدة، أنماط الاستقرار والسكان وروابط القربى والبنى السياسية الاقتصادية المحلية في لواء الكورة، حيث خصص بحثه لبلدة كفر الما، والتي شهد النصف الثاني من القرن الفائت تحولات جذرية في بنية البلدة، على المستوى العائلي والاقتصادي، والتحولات التي رافقت الثورة النفطية في الخليج العربي، وتحسن مستوى النقل.

وتناول أنتون البنية السياسية في المنطقة، وخصوصًا تغير وظيفة المختار وتحوله إلى دور هامشي، علاوة على توزيع الأراضي والتراجع الذي أصاب القطاع الزراعي نتيجة التحول نحو الوظيفة في الجهاز العسكري والقطاع الحكومي والهجرة للعمل في بلدان الخليج العربي.

فيما عالج الدكتور يوجين روغان، التغير الاجتماعي السريع في شرق الأردن في العهد العثماني، وهو مؤرخ أمريكي، واستعرض الواقع الديموجرافي إبان العهد العثماني، حيث عانت المنطقة من ضعف الإحصاءات السكانيّة نتيجة سياسة العثمانيين الاقتصادية.

وأثار روغان حديثًا حول المشاكل الاقتصادية التي رافقت الحرب العالمية الأولى حيث مرت المنطقة بحالة من التضخم الاقتصادي، ألقى بذيوله على التركيبة الاجتماعية ومأسسة الزواج والتعليم والهجرة واللباس، علاوة على ظهور مفاهيم الدولة إلى جانب الزعامات القبلية التقليدية.

أما الدكتور مصطفى الحمارنة، وهو مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ومؤرخ أردني مرموق، فقد عاين المشهد العام المصاحب للتحول من البداوة والتنقل إلى التريف والتحضر والاستقرار في مناطق البلقاء والكرك وعجلون، وإرتباط ذلك بالنمط المعاشي والإنتاجية.

وعالج المؤرخ الإسلامي الأردني محمد ضيف الله البطاينة، التحولات التي أصابت الأسرة الأردنية في القرن التاسع عشر، فيما توقف المؤرخ الأردني محمد الخريسات، عند دلالات الأسماء بالإستناد لسجلات المحكمة الشرعية في مدينة السلط.

إلى ذلك عرض الدكتور رؤوف أبو جابر التحولات الاقتصادية في شرقي الأردن خلال القرن التاسع عشر، أما المؤرخ الأمريكي مايكل رايمر فقد تناولت ورقته حالة أوقاف السلط والتغيرات التي أصابت مؤسسة الوقف في المنطقة.

تأسيس الدولة الحديثة

قدم الدكتور عبد العزيز محمود، مدخلاً أنثروبولوجيًا لدراسة المستقرات البشرية في البادية الشمالية الأردنية، حيث قدم تحليلًا لعلم دراسة المستقرات البشرية، وشملت الدراسة مناطق سما الروسان وزملة الطرقى وجابر وسمية السرحان ورباع السرحان والزبيدية ومنشية كعيبر ورباع.

المؤرخ الأمريكي مايكل فيشباخ، أفلرد مساهمته بالحديث عن المرأة وعلاقتها بالدولة وملكية الأرض، ودور برنامج الحكومة الوطنية في تسوية الأراضي وتعزيز ملكية النساء للأراضي، وغاص الاقتصادي هاني الحوراني، في بدايات تشكل النُّخب السياسية الأردنية، والتي كان للسوريين والفلسطينيين والبريطانيين إلى جانب الحجازيين والأردنيين دوراً بالغاً فيها.

وتناول المؤرخ علي المحافظة، المحطات التاريخية التي مرت فيها العلاقة بين نظام الحكم وقوى المعارضة، خلال الفترات الحساسة التي عايشتها المملكة، إلى جانب الجذور التاريخية الحديثة مرحليًا لهذه المعارضة.

العمارة

ومزج المهندس المعماري جعفر طوقان، بين أنماط العمارة والتحولات التي أصابت المجتمع الأردني، ووقف على خصائص العمارة في دراسة مقارنة بين الضفتين خلال خمسينيات وستينات القرن المهزوم، بيد أن المهندس المعماري عمار خماش تناول العمارة من ناحية تطورها التاريخي في المجتمع الأردني.

وشخص بلال حماد، وعلي أبو غنيمة، ومازن عصفور، تحولات فن العمارة في المنطقة، مع تقديم حالة عجلون وبعض مذكرات البنائين حول تلك التغيرات وسياقاتها الاقتصادية والاجتماعية.

التغيرات فيما بعد 1950

ومع تباشير النصف الثاني من القرن الفائت، تناول المتخصص بالإدارة الحكومية الأمريكي فرد لوسن، الأدوات التي وظفها النظام السياسي في توطين أركان السيادة في الأردن ما بين 1921-1954، أي في عهود 3 ملوك وهم عبد الله الأول وطلال بن عبد الله الأول، والحسين بن طلال، فيما طرح عبد العزيز الخزاعلة تساؤلاً حول مؤسسات المجتمع المدني، مؤداه ماهية كونها تعبر عن التعددية الثقافية/ السياسية في المجتمع.

وعرض عالم الاجتماع الأردني مجد خمش، عوامل التنمية والتحديث، وأثرها على مكون الشركس في المجتمع الأردني ذو الفسيفسائية المتنوعة ديموجرافيًا، أما عالم الاجتماع الأردني إبراهيم عثمان، فقد عاين مؤشرات ودلالات  المجتمع على الرواية والسيرة الذاتية الأردنية.

 الهوية والديمقراطية

وتناول المؤرخ الأردني، صالح الحمارنة، دور دار الندوة والمنتدى العربي في المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي في الأردن خمسينيات القرن المنقضي.

بيد أن السياسي الأمريكي لوري براند، قدم محاولة في سبر تطور الحركة النسائية في المملكة، وسط التداخل الذي أصاب المملكة بفعل العوامل الداخلية والخارجية.

السياسي الأمريكي، جيليان شويدلر، عاين جبهة العمل الإسلامي، ودورها كأكبر وأقدم تكتل حزبي في المملكة حيثُ عملّ وقتما كان الجميع تحت سوط الأحكام يعمل في جنح الظلام، ودور الجبهة في المؤسسات الديمقراطية وممارسة السلطة في البلاد.

السياسي الأمريكي، رسل لوكاس، بحث نظام الأحزاب السياسية في المملكة، مُستعرضًا التحولات التي صابت الأحزاب الأردنية جراء المراحل المفصلية التي مرت فيها الدولة نتيجة تداعيات الحروب مع إسرائيل.



التغيرات في الخارطة الاجتماعية

وقدم المؤرخ سليمان الموسى، تشخيصاً للتحولات التي أصابت المجتمع ما بيّن 1945-1970، على صعيد الأسرة والعشيرة والتعليم والثورة النفطية والتحول الطبقي، إلى جانب دخول الراديو والتلفزيون لحياة الناس، وبروز الإهتمام بالرياضة ووقت الفراغ، وتيار الهجرة الفلسطينية آنذاك.

وقدم  عاطف عضيبات، ورقة تناولت الدراسات الأردنية حول تطور البنية الاجتماعية والاقتصادية، فيما شاركه السياسي أحمد عزام بالحديث عن الدراسات الغربية التي تناولت ذات السياقات.

ولدورها في ترجمة التحولات الاجتماعية، أشار الأديب سليمان الأزرعي في ورقته البحثية، إلى مؤشرات التحول الاجتماعي التي أبرزتها ووفقتها الرواية الأردنية، عبر تلخيص نماذج للرواية، من أمثال الزوبعة لزياد قاسم، وشجرة الفهود لسميحة خريس، ومخلفات الزوابع لجمال ناجي، وسلطانة لغالب هلسا، والعودة من الشمال لفؤاد القسوس، وأيام القرية لماجد غنما، وبيت الأسرار لهاشم الغرايبة، ووجه الزمان لطاهر العدوان.

كما وتناول الأزرعي روايات من مثل، أنت منذ اليوم لتيسير السبول، والدخيل لعدي مدانات، كما وشاركه الأديب عمر شبانة الحديث عن ذات الموضوع، بيد أن شبانة، خصص حديثه عن التحولات من بوابة رواية زياد قاسم "ابناء القلعة"، وقدم باسم الطويسي دراسة في التجنيد السياسي والنخبة الحكومية خلال الفترة 1946-1970، وكشف بيتي أندرسون الحوافز الاجتاعية والاقتصادية للتغير الذي أصاب المشهد السياسي الوطني.

مجتمع المدينة الناشئ..كيف كانت الحياة

وتعد النقابات العمالية والمهنية، من أهم المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي لعبت أدواراً وطنية، حيث تناول الصحافي والمؤرخ عادل زيادات العمل النقابي الطبي ما بين 1944-1954، كنموذج للعمل النقابي الأردني في مرحلة شهدت وحدة الضفتين ومآسي نكبة 1948، والتي لا زالت فصولها مستمرة حتى اليوم.

وروى محمد جوهر تجربة ذاتية للحركة العمالية الأردنية خلال الفترة ما بين 1953-1971، وشاركه جمال الشاعر في الحديث عن نشاطه السياسي والعمالي.

المدن والحركة السكانية والهجرات

وقدم أحمد أبو خليل، قصة بداية نشؤ حي الطفايلة وسط العاصمة عمان، حيثُ بدأت المدينة تجتذب أبناء محافظة الطفيلة-جنوب المملكة،  للعمل في أعمال هامشية خدمة لمجتمع المدينة الناشئ.

فيما خرج السيد سامر خرينو، من الجو الذي ساد الأوراق البحثية السالفة، حيث يمم وجهه شطر بلدة العقبة، والتي كان للميناء دوراً في تحولها حضاريا واقتصاديا وإن كان ذلك بدرجة أقل من زميلتها عمان العاصمة.

وحول قصة الإغتراب الأردني في الخليج، روى صلاح حزين تجربة ذاتية حول الدوافع التي قادة للهجرة إلى الخليج العربي، والمغريات التي جذب الاردنيين من أصل فلسطيني تحديدًا إلى الكويت، ثم التحديات التي واجهوها ومن ثم آثار الحرب على العمالة الأردنية-الفلسطينية هناك.

وقدم صالح الحمارنة تجربة رحلة قام بها إلى بولونيا للعمل، ثم شخص البروفيسور علي محافظة واقع وتطلعات النخبة السياسية الوطنية.

السير الذاتية والمذكرات

وإنطلاقًا من أهميتها في توثيق التطور الذي يطرأ على المُجتمع، عنى مركز الأردن الجديد للدراسات، في تخصيص مجموعة من الاوراق البحثية للحديث حول السير الذاتية ودورها في توثيق التاريخ الاجتماعي الوطني.

وقدم وليد الحمارنة تحليلاً تناول السير الذاتية والمذكرات كمصادر للتاريخ الاجتماعي من منحى نظري وأخر منهجي، فيما قدم المؤرخ سُليمان الموسى تجربته في كتابة السير الذاتية، وهو من المؤرخين الذين عنوا بكتابة السير الذاتية للعديد من الشخصيات التي كان لها دور أساسي ومحوري في حركة تطور المجتمع الأردني.

فيما قدمت الصحفية ملك التل، من صحيفة الدستور، تجربتها في كتابة زاوية "بعيدًا عن السياسة"، والتي كانت تكتبها خلال حقبة التسعينيات، وتوثق من خلال روايات شخوص كانوا فاعلين في أحد مشاهد الحياة المُجتمعية الأردنية، مراحل التطور التي رافقوها وساهموا فيها خلال تبوآهم مناصبهم.

وقدم الباحث يوجين روغان، لمحة عن حياة الراهب جان مورتان، والذي زار السلط، وينحدر من مدينة ليون الفرنسية وهو من الروم الكاثوليكي، وتصور الحالة الدينية في المنطقة، وتناول حياة صالح التل، حيث قدمت حياته صورة عن الواقع التعليمي في منطقة شرق الأردن إبان العهد العثماني، وقدم مُلخصًا عن مذكرات عودة القسوس، والتي تؤرخ لثورة الكرك العام 1910م، وتعكس الحياة السياسية آنذاك.

فيما تناول المؤرخ الدكتور أسامة الدوري، مذكرات كل من بولس نعمان، وخير الدين الزركلي، فيما تحدث المؤرخ والباحث ناهض حتر  مذكرات جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال، بما تصوره من أهمية بالغة كونها تعكس حياة القائد الذي أدار البلاد إلى ما ينوف عن نصف قرن من الزمان.

وتواصل المشاركات عرض أبرز الشخصيات، والتي كان لها دور وفعالية في حركة تطور المجتمع، حيث قدم الدكتور عبد الله النقرش، لمحة عن مذكرات رئيس الوزراء الأسبق هزاع المجالي، والسياسي أحمد الطراونة، والسفير وليد صلاح، فيما قدم الدكتور نظام بركات، لمحة عن مذكرات بعض الشخصيات العسكرية، وهي صالح وصادق الشرع، وعلي أبو نوار، وبطرس الحمارنة، والتي تقدم رواية عن مجموعة من الأحداث العسكرية والسياسية التي مرت فيها البلاد وتركت بصمات مؤثرة في الذاكرة الوطنية كمعركة الكرامة وتعريب قيادة الجيش ومحاولة الإنقلاب العسكري على الملك الحسين، فيما عرف بحركة الضباط الأحرار، والمعارك مع إسرائيل.

وقدم الدكتور ذياب مخادمة، عرضًا لمذكرات منيف الرزاز ونبيه إرشيدات، من قوى المعارضة، فيما تناول صلاح حزين حياة محمد نزال العرموطي وعلي الخصاونة من رجالات الأعمال البارزين في المملكة، أما ممدوح الروسان فقد سبر غور مذكرات المختار الأردني المعروض في شمال المملكة، الشيخ أحمد السودي الروسان.

فيما أفرد إبراهيم عثمان حديثه عن السيدة نجمية حكمت، والتي قدمت كإمرأة محاولة أدبية في تلخيص حياتها على شكل مذكرات، وعمل عمر شبانة على تفكيك الرموز والدلالات الشخصية التي حملتها روايات غالب هلسا وتيسير السبول ومؤنس الرزاز، حيث أن الثلاثة قد مزجوا الرواية بالسيرة الذاتية، وإن لم تكن رواياتهم على سير ذاتية بينما كانت تحمل تلميحات وإشارات إلى تجاربهم الشخصية في التفاعل مع محيطهم المجتمعي.

الإعلام الأردني..الإذاعة والتلفزيون والصحافة

تناول الدكتور عامر أبو جبلة، مسيرة إذاعة المملكة ودورها الثقافي في البلاد، بالفترة ما بيّن 1956-1996م، فيما تناول دور الإذاعة في الخمسينيات والستينيات في المجالين السياسي وبلورة الشخصية الوطنية الباحث محمد الجريبيع.

فيما روى الباحث فاروق أنيس جرار، بدايات تشكل التلفزيون، وقد كان الجرار من الشخوص الذين عاصروا وساهموا في تأسيس التلفزيون والذي أبدت الحكومة إهتماماً في تكوينه ورفده بكل ما يلزم لتشكيل صورة المملكة الفتية في الإعلام الإقليمي والدولي، إلى جانب منافسات شرسة مع محطات تلفزة عربية وعالمية رُصدت لها إمكانات مادية أضخم.

وتحدث الصحفي محمود الشريف، حول تجربته في تأسيس صحيفة المنار، والتي أدمجت مع صحيفة فلسطين تحت مظلة صحيفة الدستور، بإيعاز من رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل، وبات جمعة حماد رئيس تحرير الصحيفة الجديدة.

وتحدث الباحث محمد الحوراني، عن صحيفة النسر والتي أسسها صبحي جلال القطب العام 1947، وتحدث محمد عباس عن صحيفة الأردن الجديد التي صدرت العام 1950م، وعاين الباحث ناصر كامل، زاوية ركن المرأة، في صحيفة أخبار الإسبوع، والتي شخصت حال المرأة والتباين بين الحداثة والتقليد في التعامل مع قضايا المرأة، وقدم سامر خرينو التطورات التي أصابت الصحافة الشيوعية في البلاد وحتى تداعيات فتنة أيلول الأسود العام 1970م.

وتضمن المؤلف في نهايته، خلاصة عن كل من شارك بهذا السفر القيم للدارسين في الحقول الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والتاريخية والعمرانية، والذي يسجل أبرز محطات التحول التي فيها الحياة العامة في المملكة، والتي ظهرت إلى الوجود في أعقاب ترتيبات الخريطة العالمية التي تبعت الحربين العالميتين الأولى والثانية، وإنهيار الأستانة.

    

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-