أخر الاخبار

التعليم..واقع وتطلعات من وحي الإطار التاريخي

 



الهجرات القسرية وقوى الشد العكسي ساهمت في إضعاف التعليم

الهاشميين والشغف الاردني فجر التعليم كسلاح حضاري

التهميش العثماني أدى إلى تأخر التعليم في البلاد

خواطر بلال-المحرر

"الحاجة أوقدت مشعل العلم في شرق الأردن"

بدأت العُهدة الهاشمية في رعاية التعليم بمنطقة شرق الأردن، ومنذ بزوغ فجرها، ما يعكس الرسالة الهاشمية التي حملها القادة الأوائل من بُناة المملكة الذين أتوا تحت قيادة الملك عبد الله الأول أحد أنجال الشريف الحُسين بن علي، الأمر الذي تعكسه الأرقام والمعطيات على الأرض.

فبعد سنوات من الظلام والتجاهل العثماني للمنطقة، حفز تشكل الدولة الحديثة والتي قامت على أكتاف الأحرار العرب وتحت الراية الهاشمية الحكيمة منذ 1921، نمو التعليم كأساس تُبنى عليه الدولة مؤسسياً.

وبعدما كانت شرق الأردن لا تضم سوى ثانويات ثلاث هي السلط والكرك وإربد، وعدد قليل من المدارس والمعلمين علاوة على المعلمات اللواتي كُن يُعدن ببضع عشرات، باتت المملكة تضم مدارس شتى، وتملك مئات ألاف الخريجين في الآونة الأخيرة.

وكان العام 1940م، يحملُ بيّن ثناياه تشكيل أول وزارةٍ للمعارف "التربية والتعليم والتعليم العالي حاليًا"، في حكومة توفيق أبو الهدى حيث كان قاضي القضاة سماحة الشيخ أحمد العلوي السقاف أولَ وزيرٍ للمعارف في المملكة.

ويشير المؤرخ الراحل سليمان الموسى، في مؤلف إمارة شرق الأردن نشأتها وتطورها في ربع قرن من 1921-1946، إلى أن البلاد وحتى ذاك الحين لم تتجاوز عدد مدارسها الـ73 منها 40 بنظام الكتاتيب والتي يعمل فيها مُعلم واحد فقط.

فيما كانت  الحاجة الرسمية لبناء الدولة، إلى جانب الحركة العربية النهضوية في ذاك الحين، المساهم الأول في إشعال موقد التعليم بالمنطقة، إلى جانب حركات الهجرة القادمة خصوصا من مراكز الإشعاع الحضاري آنذاك في القدس الشريف والأستانة إلى جانب دمشق.

"مرحلة التطور والثورة..وحدة الضفتين محرك أساس"

وشكلت الوحدة بين الضفتين العام 1950م، مُنعطفاً هامًا على مختلف الصُعد، ومنها التعليم، حيث عمل التزاوج بين مراكز الحضارة الغرب أردنية-آنذاك- الفلسطينية لاحقاً، على تسريع وتيرة التنمية في قطاع التعليم، وبرز على الساحة قانون التربية والتعليم للعام 1964، الذي حدد ولأول مرة فلسفة للتربية والتعليم في المملكة، مُتسلحة بالقيم الدستورية والدينية والتأريخية والسياسية التي رافقت تشكل الدولة سياسياً وجغرافيا وديموجرافياً.

وعملت الطوائف المسيحية، إلى جانب تلمس الإنسان الفوائد التي يجنيها المتعلمون في الشركات والجيش، والحاجة التي أوقدتها الثورة العربية الكبرى في النفوس، وصفاء الذهن لدى الناشئة أنذاك في الإقبال على التعليم.

ولم يدخل عقد السبعينات حتى والأردن قد طبق مبدأ الإلزامية في التعليم ولمدة 9 سنوات مقسمة إلى مرحلة إبتدائية وأساسية، إلى جانب ظهور أول جامعة حكومية وكانت الأردنية في مشارف منطقة الجبيهة شمالي عمان، قد احتضنت أوائل أفواج الأردنيين الراغبين بالدراسة الجامعية محلياً، لتظهر لاحقاً جامعات اليرموك والتكنو ومؤتة والتي كانت أول جامعة عسكرية في البلاد.

"الإهتمام الملكي يُعزز التعليم"

وكان الفكر الهاشمي، إلى جانب الرسالة التي تحملها القيادة الهاشمية، المحرك الأبرز لعجلة تعميم التعليم، رغم الظروف التي ما انفكت تقض مضجع المنطقة، وخاصة موجات التهجير القادمة من فلسطين وسورية والعراق خلال مئوية الدولة الأولى، والتي شكلت ضغطًا هائلاً على الخدمات.

وشكل التعليم أولوية للهاشميين، فقد ركز جلالة الملك عبد الله الثاني، في ورقته النقاشية السابعة، على الدور الجوهري لبناء القدرات البشرية والتعليم في النهضة الوطنية.

وتناولت رؤية الأردن 2025، التطوير التربوي نحو الاقتصاد المعرفي، وأطلق جلالة الملك عبد الله الأول والملكة رانيا العبد الله عدة مبادرات منها مبادرة التعليم الأردنية، ومؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية ومنصة إدراك وجائزة التميز التربوي ومبادرة مدرستي.

وتعد الرسائل الملكية والتي إعتاد جلالة الملك عبد الله الثاني توجيهها إلى أبناءه من طلبة المدارس في إفتتاح العام الدراسي خطوط عريضة يتلمس المرء منها الرؤى الملكية الثاقبة الرامية لتطوير الشغف الأردني في التعليم.

وساهمت الثقافة الاجتماعية في تعزيز ميل الأبناء نحو التعليم، ومواكبة التطورات في ذلك، وخاصة بعدما أتت التوجهات الملكية مطلع القرن الحادي والعشرين إلى إستدخال الحاسوب واللغة الإنجليزية إلى المناهج التعليمية، الأمر الذي عُزز مؤخراً بإدخال التعليم عن بعد والتعليم الهجين والذي يمزج بين الغرف الصفية التقليدية وتلك الإفتراضية منها.

 

رغم ذلك، فقد فجر وزير التربية والتعليم الأسبق محمد الذنيبات منذ أكثر من 9 سنوات، حقيقة مُفجعة تقول أن 22% من طلبة الصفوف الأولى الثلاث يعانون من عدم القدرة على القراءة والكتابة، أي أنهم يعانون الأمية الأبجدية، الأمر الذي جعل الدولة تبحث عن سبل لمعالجة الخلل فكانت أن عقدت الاختبارات لتقييم أداء الطلبة في مختلف المراحل التعليمية.

ويعاني التعليم الأردني منذ زمن من مشاكل مزمنة نتيجة الانفجار السكاني الذيطرأ عليه خلال سنوات عديدة جراء القضية الفلسطينية وحربي الخليج والعراق وسورية، والتي ضغطت على قدرات المؤسسة التعليمية، مما جعل عدد العبء الديموجرافي على المعلمين "عدد الطلبة لكل معلم" كبيراً، حتى باتت الصفوف مكتظة وعدد من المدارس تغص بالطلبة بفترتين صباحية ومسائية.

ويرى خبراءتربويين أن غياب التخطيط التربوي السليم، وضعف الإمكانات المتاحة لمؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها، غلى جانب تأثير قوى الشد العكسي على نوايا الدولة في تطوير التعليم وتحديث أدواته لتتساوق والزمن الرقمي الذي نعيش، وبات فيه الذكاء الإصطناعي والمهارات العليا أكثر إلحاحاً من مهارات الحفظ والبصم للنصوص دون فهم روحانيتها وإستيعاء مساماتها لتكون معينًا للجيل لا ثقلاً لا جدوىً منه.

وتتعدد الخطط التعليمية، والتي امتلأت فيها دروج الجهات المعنية، والتي لم يرى بعضها النور وأخرى طبقت ثم تم تغييرها بصورةٍ اعتباطية، الأمر الذي يجعل القرار التربوي ذا صبغة شخصية لا مؤسسية الأمر الذي يعكس عمق الأزمة المؤسسية التي تعانيها الدولة منذ زمن.

وتعترف السلطات التعليمية في البلاد بالفجوة العميقة التي تقع بين جودة التعليم على أساس جغرافي "مدينة/قرية"، وإقتصادي "حكومي/خاص"، مما يُعد إفرازا لتأثير ثقافة السوق المفتوح على جودة التعليم في البلاد والتي راح ضحيتها أبناء الطبقات الكادحة والفقيرة والمهمشة لصالح الأغنياء وأبناء العوائل الأرستقراطية في البلاد.

 

المراجع:

موقع مئوية الدولة الأردنية

وكالة الأنباء الأردنية-بترا

موقع عمون الإخباري

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-