أخر الاخبار

نظرية صدام الحضارات




خواطر بلال-المحرر

بدأ مُنذ الأزل، خلال التاريخ البشري، الصراع بيّن بني البشر، بحثًا عن الهيمنة والقوة والثروة، ترجمة لحاجات الإنسان البدائية من طعامٍ وشرابٍ ومأواً وأمن، فكانت الصراعات العسكرية، وصراعات المعرفة والحضارات منذ عهود سالفة، وإن تعددت صور تلك الصراعات وأدواتها.

ولقد سجل العالم المغربي "المهدي المنجرة"، أوائل التسعينات من القرن الفائت، سبقًا عندما تحدث عن فكرة صراع الحضارات وتصادمها، قبل ظهور صامويل هنتغتون العام 1993، في مقاله المشهور حول صدام الحضارات.

وظهرت في أعقاب إنتهاء الحرب الباردة، وإنتصار المعسكر الليبرالي بقيادة الولايات المتحدة، على المعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفييتي-سابقا-، طروحات عبرت عن ما ستكون عليه العلاقة بين الحضارات في المرحلة التالية.

ويعد الكاتب الأمريكي، Samuel Huntington، في مقال صدام الحضارات، أول من وضع نظرية صدام الحضارات إلى جانب كتابه، والذي وضعه في غمرة ردات الفعل التي توالت على مدى 3 سنوات على مقاله تلك والتي نشرها في أحد المجلات الأمريكية.

وعارض هنتغتون، نظرية التقارب لروستو وغالبرايت، ونظرية الاتصال لكارل دوتش، معتقداً أن السياسة الدولية ستمسي ذات أقطاب وحضارات متعددة، الأمر الذي حصل بعد ظهور القوى الإقليمية على الساحة الدولية مثل الإتحاد الأوروبي وتركيا والسعودية وإيران وإفغانستان-طالبان وغيرها.

ورأى هنتغتون، في الحضارة الإسلامية خطرًا على الحضارة الأوروبية الغربية، ويقول أن الوضع الديموجرافي بات لصالح الشرق على حساب الغرب، إلى جانب ظهور قوى اقتصادية لافتة، وهنا نشير إلى اليابان والصين، إلى جانب مجلس التعاون الخليجي كقوى اقتصادية صاعدة فعلياً.

إلى جانب ذلك، أمسى المسلمون يسيطرون على حصة ضخمة من احتياطات العالم من النفط والغاز، مما منحهم قوة اقتصادية هائلة، وفق معتقد هنتغتون، في حين يتميز النظام الدولي الجديد عند هنتغتون بتعدد الحضارات، ويقسمها إلى الحضارة الغربية، وتضم أمريكا الشمالية واوروبا الغربية وهي علمانية الطابع، والحضارة الأرثوذكسية وتضم روسيا وأوربا الشرقية، والحضارة الهندوسية ممثلة بالهند، والبوذية الكونفشيوسية بالصين، إلى جانب الحضارة الإسلامية.

ويرى الكاتب الفلسطيني إدوارد سعيد، أن الصراع اقتصادي بحت، في حين يرى أن هنتغتون لم يضع محددات  معيارية لتصنيف الحضارات فهو قد راوح بين المعيار الجغرافي والديني.

ولم يعني هنتغتون بالعلاقة الجدلية بيّن العولمة وصراع الحضارات، في حين طالب مونتغمري بإعادة النظر في نظرية صراع الحضارات، لما تنطوي عليه من تجني على الحضارة الإسلامية، واستبعدت فكرة التحالف بيّن الإسلام والكونفشيوسية، في غياب المصالح الاقتصادية.

وهنتغتون، مفكر سياسي أمريكي، محاضر في جامعة هارفارد لخمسين عامًا، وولد 1927 في مدينة نيويورك، وعمل مساعدا لمدير مركز الدراسات للحرب والسلم بجامعة كولومبيا، وأستاذ كرسي الحكومة في هارفارد، ورئيسا للجمعية الأمريكية للعلوم السياسية، وأسس إلى جانب وارن ديميان مانشل مجلة "فورين بوليسي" الشهيرة، وأسس معهد جون أولان للدراسات الاستراتيجية.

وكان من مؤيدي الحزب الديمقراطي الأمريكي، وتركزت أبحاثه حول الحكومة الأمريكية، وتحليل عمليات إرساء الديمقراطية والسياسات العسكرية والاستراتيجية والمقارنة والتطور السياسي.

واشتهر هنتغتون، بنظرية صراع الحضارات، ووضع بحث بعنوان مقاربات نحو سياسة بعيدة عن الضغوط العام 1973، حيث حذر من التحول السريع في الحكومات الجديدة نحو الليبرالية، ووضع تحليلات حول الإنقلابات العسكرية والتنمية السياسية والاقتصادية في العالم الثالث، ومخاطر الهجرة المعاصرة على الولايات المتحدة.

ويوصف هنتغتون بأنه محافظ، أتهم بالعنصرية وكراهية الأجانب، وخصوصاً أنه شجع العدوان الأمريكي على الصين والعرب، وأنه أعتقد بلاده أمة وحيدة ذات ثقافة أنجلوسكسونية وبروتستانتية.

وأصدر 90 بحثاً تنوعت في مجالات، صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي، والقوة السياسية مقارنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وغيرها.

وتوفي هنتغتون أواخر العام 2008 في ولاية ماساشوسيتش الأمريكية.

المراجع:

المعرفة

موضوع كوم

الجزيرة نت

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-