تُعرف ظاهرة التسرب المدرسي، على أنها تخلي الفرد عن فرصته بإكتساب المعارف
والخبرات في سني حياته المدرسية، ولأي
سببٍ كان.
وتنجم الظاهرة عن عدة أسباب، منها رداءة البيئة المدرسية، وعدم كفاءة هذه
البيئة في تقديم الدافع نحو المواظبة على التعليم، فقد يدفع تعنيف الطلبة وممارسة
التهميش والتعذيب البدني معهم إلى توجههم نحو ترك المدرسة.
إلى جانب عدم إشباع المدرسة للحاجات النفس نمائية لدى الطلبة، وعدم التنويع
في المناهج والنشاطات، وتخلفها عن ما يتوقعه الطلبة أنفسهم، مما يعزز مشاعر الملل
والضجر من الروتين والرتابة وغياب الثقة بجدوى الفائدة المتوخاة من الإلتزام بتلك
المناهج والمناشط المدرسية.
وعلى مستوى الأسرة، فإن ضعف الحالة المادية والمعاشية للأسرة، وضعف
الإهتمام بتعليم الأبناء، والتفكك الأسري، وتعاطي المسكرات والمخدرات في بيئة تلك
الأسر، قد تضعف قابلية الناشئة للتعلم، ويحفزهم إلى التسرب عن المدرسة.
وقد يعمل عامل الإصابة بالعوق الجسماني والنفسي، على تحفيز الطالب على ترك
المدرسة، وخاصة ما لم تكن هناك برامج دامجة للفئات المعوقة في المجتمع، وغياب
الوعي بأدوات دمج المعوقين في المجتمع.
وتدفع ظروف مثل غياب الأمن والإضطرابات السياسية والمجتمعية، ورفاق السوء،
إلى إضعاف فرص التعليم لدى الأبناء، وتسربهم الطوعي أو الإجباري عن المدرسة، فقد
دفعت الحروب التي تعيشها البشرية اليوم الملايين من الأطفال إلى تجرع مرارة العيش
في المخيمات والنزوح وعدم الشعور بالإستقرار، الأمر الذي حد من ميل العديد منهم
نحو التعليم، ولم يمنح أخرين فرصًا تعليمية في مناطق نزوحهم، أو في المناطق التي ترزح تحت وطأة الإضطرابات الأمنية
ومع انقسام عملية الإنسحاب من المدرسة إلى إجبارية وإختيارية، فإن فئات
المنسحبين من المدرسة تتعدد، وهم الفقراء ومن يعانوا من المشاكل الأسرية، وضعيفي
القدرات العقلية، والمعوقين، والنازحين واللاجئين، وذوي الكفاءات الذين لم يروا
أنفسم في المدرسة، والمنحرفين سلوكيًا، والأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاعات والحروب.
وتعزز هذه الظاهرة من المشاكل المستعصية في المجتمع، إلى جانب تعميق
التباين الطبقي، وضعف فرص الإصلاح المجتمعي، وفقدان فئات عديدة لصحتهم النفسية
والبدنية في المجتمع، وعدم قدرة المتسربين على المشاركة الفاعلة في النشاط
الاقتصادي، ويعيق الطموحات المهنية المستقبلية لهم.