خواطر بلال-المحرر
واصل العلامة العراقي، علي الوردي، نظريته ذات الميول
السفسطائية في التأريخ العربي والإسلامي، والتي تدور حول الخُلفاء الراشدين وتحوّل
الحُكم إلى الأموييّن بقيادة معاوية بن سفيان، ويشدد الوردي على أن معاوية بن
سفيان ونتيجة حقده الدفين على الإسلام، والمستمد من والده سفيان ذاته وقريبته
هندُّ بنت عُتبة.
ويرى الوردي أن المدنية، لا تقاوم بوحدة الجماعة، بقدر
ما تقوم بتصارع المتضادات المُمثلة بالخير والشر، وأن السوء والحسن أمران متلازمان
في الحياة، وهاجم الوردي منطق المتعصبين والذين يرون في التأريخ جانبًا واحدًا،
وفي الشخوص جانبًا واحدًا فالخيّر دائما خيّر والشرير كذلك دومًا شرير.
وقدم الوردي تحليلاً لفلسفة وعقلية علي بن أبي طالب،
والتي دفعت بالتغيرات المفصلية والتي عاشتها الأمة الإسلامية نتيجة الصرع بيّن
الثورة التي قادها علي على المترفين، بهدف إعلاء مبدأ العدالة والمساواة، في
مواجهة معاوية، والذي عمل على تعزيز مُلكه المُترف، والقائم على العصبية القبلية،
والذي لم يُراعي سوى مصالحه في الوصول إلى الحُكم، خاصة وأن الإسلام أغلب الظن لم
يكن مُتغلغلاً في قلبه وهو الذي تربى عقدين من الزمن على الكيل للدين ومحاربته ولم
يدخله إلا مُستلمًا بعد الفتح.
وفي حيّن سخر الوردي من تمسك الإفلاطونييّن بالمدينة
الفاضلة، والتي يعيش فيها الناس بلا صراع، عرض أسباب التنازع، والمتمثلة في
الإعتماد على القوة، ثم ظهور شيء من الروية، ثم متعدد الأوجه من الغزل بيّن
الجنسين والحملات الإعلامية والمهرجانات، والتي تسود يومنا هذا،إذ لا تخلو أمة من
ذنك الصراع بيّن الخير والشر، أو الحاكم والمحكوم مهما تعددت صور ذلك الصراع.
وتحدث الوردي عن فكرة القوقعة البشرية، والتي يُسميها في
مؤلف أخر الإطار الفكري، والذي يتثمل في تلك القيم والمبادئ والعادات التي ينشأ
عليها الفرد، ويرى من خلالها جانب الخير والشر، ويبرر سلوكه في ضوئها، مؤكدًا أن
التعاون والتنازع صنوان لا يفترقان.
وشن الوردي هجومًا على رواية "حي بن يقظان"،
والتي ترى أن العقل البشري ينمو وحيدا مُحيطه، في حيّن عزز الوردي موقفه من ذلك
بأدلة حول ما يعتقده في أن المحيط المُجتمعي هو الذي يسمح بتطور العقل البشري،
ووضع الوردي تحليلاً للسفسطة والتي تقوم على نسبية الحقيقة، ودراسة الواقع بدلاً
من منطق إفلاطون العاجي.
وتحدث الوردي عن الديمقراطية في الإسلام، وأسباب إنقسام
الناس بيّن سيدينا علي وعمر –رضي الله عنهما-، عبر التأريخ بعد وفاة الخليفة عمر
بن الخطاب، وأيادي بني أمية في ذلك، إلى جانب الصراع بيّن قيم العدالة والمساواة
من جهة، وقيم الترف والبذخ من جانب أخر.